الأربعاء، 13 فبراير 2013

تربية البنات على الحجاب متى؟ وكيف؟



تربية البنات على الحجاب متى؟ وكيف؟


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بناء على سؤال إحدى الاخوات الكريمات 
 
سأتحدث اليوم عن تربية البنات على الحجاب.

أحب أن الفت النظر هنا الى حقيقة مهمة جدا، وهي ان الحجاب ليس مجرد ستر العورات بالملابس، بل هو قبل ذلك سلوك متحفظ تلتزم به الفتاة المسلمة. وهذا السلوك نابع من مفهوم لا بد ان يترسخ لديها وهو مفهوم الستر.

لعلكم تلاحظون ان كثيرا من شاباتنا (المحجبات) حجابهن يحتاج لحجاب، فمن ألوان صارخة، الى موديلات عجيبة في لف الطرحة، الى ملابس ضيقة تصف تفاصيل الجسم.
ثم هناك السلوكيات التي لا تميز المحجبة عن غير المحجبة، ولعلي اضرب مثالا بسلوك استوقفني عند زيارتي لأحد اطباء الجامعة، حيث التفت حوله الطبيبات المتدربات، فكانت احداهن غير محجبة، لكنها محتشمة في ثيابها وسلوكها، تحافظ على المسافة بينها وبينه، وتتكلم معه بنبرة جدية عملية، وكانت متدربة اخرى، يفترض انها محجبة، لكنها كثيرة الضحك، نبرة كلامها فيها ميوعة، تقترب كثيرا من الدكتور دون اي حاجة، بل وتميل وتتكئ على مكتبه بحيث يصبح وجهها مباشرا تماما لوجهه.. !!

لا شك انكم رأيتم نماذج كثيرة كهذه، وهيبكل اسف- موقع تهكم وانتقاد غير الملتزمين، وتكئة لهم في ادعاء أفضليتهم، وان الحجاب لا يعني شيئا.
ومن هذه السلوكيات الخاطئة ايضا المواعدات مع الشباب، والجلوس معهم جلسات خلوية في رحاب الحدائق وممرات الجامعات، وربما تعدى الامر الى امساك باليد او غير ذلك من مخالفات شرعية، والفتاة مازالت تغطي رأسها وتظن انها محجبة حق الحجاب. والشاب يظن نفسه ملتزما محترما، ما دام لم يخلو بها في غرفة مغلقة، ولا تجاوز حدود لمسات عفوية، او احاديث (يسمونها: بريئة) .. الخ ..

فكيف نربي بناتنا ، بل وأبناءنا على معاني الحجاب الصحيح؟ ومتى؟
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع"
وقد قاس العلماء سائر الفرائض الشرعية على الصلاة، فقالوا انه يجب ان يدعى لها الاطفال من سن السابعة، فيفهمونها ويعون حكمها وضوابطها، ويبدؤون بالتدرب عليها، ثم تزيد نبرة الطلب في العاشرة، ثم تفرض عليهم في سن البلوغ، وهو سن التكليف.

ويشمل تعليم أحكام الحجاب: تعليم أحكام الاستئذان، ومعرفة المحارم، وتمييزهم عن غيرهم، وضوابط الاختلاط، وحدود إبداء الزينة المسموحة أمام كل من المحارم وغير المحارم، وصفات الحجاب الشرعي الصحيح، وغض البصر.
وهذه المفاهيم كلها، يتم غرسها في الأطفال منذ نعومة أظفارهم، سلوكا من الوالدين أولا، ثم من الإخوة والاقارب الكبار، ثم تشرح لهم عند السابعة، ثم يتوسع في شرحها ويتم التأكيد على حدودها الشرعية، في العاشرة، مع التدريب على التنفيذ، بالتدريج.. إلى ان تصل الطفلة إلى سن البلوغ، وهي مهيأة ومعتادة على أداء هذه العبادة والالتزام بأحكامها. وكذلك الطفل الذكر كما سنرى.

وهنا ملاحظات شرعية مهمة، يخطئ كثيرون فيها، لابد من التنبيه لها.
1-   
البلوغ له ثلاث أمارات، وعامة الناس يحسبون ان البلوغ له علامة واحدة. فالطفل يبلغ إذا أنبت الشعر في مواضع الابطين وما شابه، أو إذا احتلم الصبي أو حاضت البنت، أو إذا بلغ خمسة عشر عاماً ولم تظهر عليه العلامات الاخرى.
ودلالة الإنبات على البلوغ وبدء المؤاخذة والمحاسبة بالتكاليف الشرعية، يغفل عنه كثيرون.

2-   
الحجاب يفرض على البنت وتحاسب عليه إذا بلغت، وبالمقابل فإن الصبي يحاسب على عدم غض البصر، والاطلاع المتعمد على عورات النساء إذا بلغ. لكن احتجاب المرأة أو الفتاة من الصبي يكون عند بلوغها هي، وليس بلوغه هو، بمعنى أن الاحتجاب لا يكون عن أعين الصبيان البالغين فقط، بل المميزين أيضا، وهذا ما يجهله كثيرون او يتجاهلونه، فتراهم يتكشفون امام ابن الثانية عشرة والثالثة عشرة ويقبلونه ويتباسطون معه، بحجة انه لم يبلغ.. مع ان الآية صريحة واضحة في وجوب الاحتجاب، ليس ممن بلغ الحلم، بل ممن ظهر على عورات النساء، اي صار مميزاً، له قدرة على تقدير محاسن المرأة ومفاتنها. قال تعالى:
{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لبعولتهن أو.... أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ... }(النور: 31)
فالمؤمنة تتحجب عندما تبلغ، وتتحجب من كل غير ذي محرم عليها، منذ سن تمييزه وحتى الوفاة.. (فليس هناك قواعد من الرجال :) )

3-
وكما علينا أن نربي الطفلة على سلوكيات الحجاب منذ الطفولة، قبل ان تلتزم به فعليا عند البلوغ، فعلينا أيضا ان نربي الطفل الذكر على ذلك،، فينشأ حييا مؤدبا، يحجم عن الاختلاط بالنساء، ويتأذى من كاشفات عوراتهن، ويفهم معنى الخلوة والمحرم والغيرة وآداب الاستئذان سواء على أهل بيته، أو الغرباء.
 
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَلاةِ الفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ العِشَاءِ ...}(النور: 58)
{
وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنكُمُ الحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}(النور 59)

لاحظوا أن الاستئذان واجب على الاطفال الصغار قبل الدخول على الوالدين او غيرهم ثلاث مرات في اليوم، وهي الاوقات التي يُظن فيها التكشف وحدوث العلاقات الزوجية،
لكن إذا بلغوا الحلم، اي سن البلوغ، وجب عليهم هم الاستئذان مطلقا في أي وقت.
فإذن التكليف يتعلق بالفتى عند بلوغه، لكن الاحتجاب منه، والذي تكلف به المرأة او الفتاة يكون عند وصوله سن التمييز.

بهذا أكون قد فصلت في إجابة: متى نأمر البنات بالحجاب.
وأؤجل للمداخلة التالية إن شاء الله إجابة: كيف نعلمهم الحجاب ونربيهم عليه.
وجزاكم الله خيرا على حسن المتابعة 

بقلم أم عبد الهادي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق